نصرت البدر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
نصرت البدر

    غافر ، غفار ، غفور - مقاماتها ودلالاتها في القرآن الكريم

    حميد الخفاجي
    حميد الخفاجي
    مدير المنتدى
    مدير المنتدى


    عدد المساهمات : 90
    تاريخ التسجيل : 23/11/2010
    العمر : 36
    الموقع : https://h24d.own0.com/profile.forum?mode=viewprofile&u=1

    غافر ، غفار ، غفور - مقاماتها ودلالاتها في القرآن الكريم  Empty غافر ، غفار ، غفور - مقاماتها ودلالاتها في القرآن الكريم

    مُساهمة من طرف حميد الخفاجي الإثنين نوفمبر 29, 2010 3:21 pm

    من أسماء الله الحسنى غافر ، غفار ، غفور - مقاماتها ودلالاتها في القرآن الكريم
    دلالة غَفَرَ في اللغة
    أعني بالمادة هنا: مادة ( غفر ) وبالأسماء : الأسماء الثلاثة ( غافر – غفار – غفور ).
    يقول ابن فارس: ( الغين والفاء والراء : عُظْمُ بابِه الستر ، ثم يشذّ عنه ما يُذْكر .
    فالغَفْرُ : الستر ، والغُفْران والغَفْر بمعني ، يقال : غَفَرَ الله
    ذنبَهم غفراً ومغفرة وغفراناً .... ويقال : غفر الثوب , إذا ثار زئبرُهُ ،
    وهو من الباب ، لأن الزئبر يغطي وجه الثوب ، والمِغْفَرُ معروف ،
    والغِفَارةُ : خِرقة يضعها المدّهن على هامته ، ويقال : الغفير : الشعر
    السائل في القفا .
    وذكر عن امرأة من العرب أنها قالت لابنتها ( اغفري غفيرك ) تريد : غطيه . )
    ويقول الزجاج : ( أصل الغفر في الكلام :الستر والتغطية ، ومعنى الغفر في
    الله تعالي : هو الذي يستر ذنوب عباده ، ويغطيهم بستره كما جاء في الدعاء
    ( يا ستّار استرنا بسترك الحسن الجميل ) .
    وعند ابن منظور : ( أصل الغَفْر في الكلام : التغطية والستر ، غَفَرَ الله ذنوبه أي سترها ، والغفر : الغفران .
    وفي الحديث كان إذا خرج من الخلاء قال : غفرانَكَ الغفران : مصدر وهو منصوب بإضمار أطلب ...........
    وقد غَفَرَهُ يغفره : غفراً : ستره ، وكل شئ سترته فقد غفرته .
    ومنه قيل للذي يكون تحت بيضة الحديد على الرأس : مغفر ...
    وتقول العرب : أصبُغ ثوبَك بالسواد فهو أغفرُ لوَسَخِه ، أي أحْمَل له
    وأغطي له ، ومنه : غفر الله ذنوبَه ، أي سترها ، وغفرت المتاع جعلته في
    الوعاء ... وغَفَرَ المتاع في الوعاء يغفره غفراً ، وأغفره : أدخله وستره
    وأوعاه .
    وكذلك غفر الشيب بالخضاب وأغفره . قال .
    حتى اكتسيتُ من المشيبِ عمامةً ... غفراءَ أغفَرَ لونُها بخضاب 0
    وكل ثوب يغطي به شيء فهو غفارهُ ، ومنه غفارة الذنّون تُغَشّي بها الرحال ، وجمعها غفارات وغفائر .
    وفي حديث عمر : لما حصّب المسجد قال : هو أغفر للنخامة أي :أسترله
    والغَفْرُ والمغفرة : التغطية على الذنوب والعفو عنها .... والغُفْرَةُ :
    ما يغطي بها الشيء ..
    والغُفْرُ أيضاً : هُدْبُ الثوب وهُدْبُ الخمائص
    ، وهي القُطُف دقاقها ولينها ،وليس هو أطراف الأردية ولا الملاحف ...
    وغُفْرُ الكلأ: صغارُهُ ، وأغفرت الأرض نبت فيها شيء منه ...
    وغَفَرَ الجُرْحُ ويغفر غفراً: نُكِسَ وانتُقِض ... ويُقال للرجل إذا قام من مرضه ثم نُكس :غُفِر)
    وفي كتاب التعريفات للجرجاني 0
    ( المغفرةُ :سترُ القادر للقبيح الصادر ممن تحته ، حتى إن العبد إذا سترَ عيبَ سيدِه خوفَ عقابه لا يُقال : غَفَرَ له . )
    ويقال : ( اللهم غفراً ، وليست فيهم غفيرة أي لا يغفرون ذنب أحد ، قال
    يا قوم ليست فيهم غفيرة . . فامشوا كما تمشى جمال الحيرة
    أي فامشوا إلى حربهم مشي جمال الحيرة .).
    (ومن المجاز : قول زهير:
    فلاقت بياناً عند آخر معهد أضاعت فلم تُغْفَرْ لها غفلاتُها
    أي لم تغفر السباع غفلتها عن ولدها فأكلته . )
    ( والغفير : الكثير ، ويقال جاء القوم جماً غفيراً ، أي جاءوا جميعاً )
    وتلك دلالة الصيغة كما يبدو .

    خلاصة ما سبق :
    إن دلالة هذه المادة ( غ – ف – ر ) تدور حول عدة أمور منها :
    1- الستر والتغطية وهذا هو الأصل ، ويشتق من اللفظ كلمات تطلق على هذا
    المستور، فالغفير :هو القفا ، والمغفر : ما يوضع على الرأس ليستره ،
    والغفارة : الثوب يغطى به الشيء .
    2- كما يطلق اللفظ على الأشياء الدقيقة مثل هُدب الثوب حيث يقال له غَفْر ، ويقال أيضاً للنبات الصغير ( غَُفْرُ الأرض ) .
    ولعل ذلك يربط بين المغفرة وصغائر الذنوب .
    3- كما أن الكلمة تدل على عكس الستر فتعني الكشف والانفتاح ، كما في(غفر الجرح) بمعنى انتقض وفُتِحَ وانكشف ما فيه .
    4- تدل الكلمة أيضاعلى العفو عن هذا الذنب المغفور فالمغفرة ستر يتبعه عفو.
    5- وفي دلالة الكلمة أيضاً معنى الغلبة والقدرة فلا يقال ( غَفَرَ ) إلا عن اقتدار وتمكن، مما يعني أن المغفرة بداية العفو .
    وهكذا تلين الكلمة وتطوع ؛لأن للسياق دوراً في توجيه المراد منها ،لكن تبقي مع هذا معقودة بأصلها وهو الستر والتغطية

    دلالة ( غَفَرَ ) في القرآن الكريم .
    يقول الأصفهاني : ( الغَفْرُ : إلباسُ ما يصونه عن الدنس ، ومنه قيل :
    اغفر ثوبك في الوعاء ، واصبغ ثوبك فإنه أغفر للوسخ ، والغفران والمغفرة من الله تعالي ، هو أن يصون العبد من أن يمسه العذاب ..قال : غفرانك ربنا ..
    ومغفرة من ربكم .. ومن يغفر الذنوب إلا الله ، وقد يقال : غفرله إذا تجافي عنه في الظاهر وإن لم يتجاف عنه في الباطن نحو قوله تعالي: (قُلْ
    لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ
    لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الجاثـية:14)
    والاستغفار : طلب ذلك بالمقال والفعال .. وقوله ( استغفروا ربكم ) لم
    يؤمروا بأن يسألوه ذلك باللسان فقط ، بل باللسان وبالفعال ، فقد قيل :
    الاستغفار باللسان من دون فعل ذلك بالفعال فعلُ الكذّابين وهذا معني :
    (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر:60)
    (والغافر والغفور) في وصف
    الله تعالي نحو ( غافر الذنب ) ( إنه غفور شكور ) والغفيرة : الغفران ،
    ومنه قوله : (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ) (إبراهيم:41)
    وقيل:اغفروا هذا الأمر بمغفرته أي:استروه بما يجب أن يستر به)
    (والغفّار:الذي يغفر ذنوب عباده مرة بعد مرة ، فلما تكررت ذنوبهم تكررت
    مغفرته غفراً.)
    وإذا كان هذا المعني لا يبعد كثيراً عن المعني
    اللغوي ، إلا أن المغفرة في القرآن الكريم ، من خلال الأسماء الحسنى (
    غافر – غفار – غفور ) تكتسب ظلالا أخرى وتتشرب من عيون
    السياقات المتنوعة دلالات جديدة ، لكنها في الختام تعود إلى الأصل وهو :
    الستر والتغطية .
    وهذا سيتضح من خلال تحليل النماذج وسياقاتها داخل كل سورة .

    الفروق الدلالية بين الصيغ الثلاثة
    ( فاعل ـ فعّال ـ فعول )
    يرى النحاة أن اسم الفاعل هو[الجاري مجرى الفعل في اللفظ والمعنى ... ويعمل عمل الفعل إذا أريد به الحال أو الاستقبال ....... ]
    [ وليس القصد بقولهم : اسم الفاعل : اسم الصيغة ، بل المراد اسم ما فعل الشيء ]
    [ فهو اسم مشتق من الثلاثي يدل على شيئين :
    1- معنى مجرد عارض ليس بدائم ويسميه العلماء: الحدث .
    2- فاعل هذا المعنى المجرد ويسميه العلماء : الذات ]
    [ وصيغة فاعل تحتمل في دلالتها على الحدث : القلة والكثرة ، فإذا أريد
    الدلالة على كثرة الحدث ( كماً أو كيفًا) حُوّلت –فاعل- إلى إحدى
    صيغ المبالغة ] .
    ومعنى هذا أنه [ عند صياغتنا اسم الفاعل فإننا نقصد شيئين :
    المعنى المجرد وصاحبه،دون اهتمام ببيان درجة المعنى قوة أو ضعفاً وكثرة أو قلة .
    وأما عند استخدامنا ( صيغة المبالغة ) فإننا نقصد إلى الأمرين معاً مزيداً عليهما بيان الدرجة كثرةً وقوةً .
    [ ودلالة اسم الفاعل العارضة قد تكون في حق غير الله تعالى لصحة قيام
    الأفراد لنفس الحدث لكن في حق الله تعالى فإن دلالة الدوام ثابتة فقولنا (
    غافر ) مثلاً .... الغفران لا يكون إلا من الله ولذلك لا يقال : غافر
    الذنب إلا لله تعالى .
    أما غيره فيجوز أن يقال له : غافر ذنب فلان ، أو غافر الذنب الفلاني ، فيتخصص الذنب بصفته أو بصاحبه .
    أما إطلاق الذنب وتعريفه بـ ( ال ) فيشير إلى عمومه ، فـ ( ال ) في
    [الذنب] للجنس وليس للعهد فالله تعالى غافر لجنس الذنوب ولذلك قال :
    (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ
    الرَّحِيمُ) (الزمر53)] أو أنه غافر للذنوب في جميع الأزمنة [ واسم الفاعل
    إذا أريد به زمان مستمر كانت إضافته لفظية ، والزمان المستمر يشمل الماضي
    والحاضر والمستقبل ...
    وإذا كان للثبوت كان غير عامل وكانت إضافته حقيقية ]
    أما صيغة (فعال) و ( فعول ) .
    فهما من صيغ المبالغة لاسم الفاعل وهذا يعني أن أصلهما اسم الفاعل لكن بولغ فيه.
    والمبالغة [أن يذكر المتكلم وصفاً فيزيد فيه حتى يكون أبلغ في المعنى الذي قصده وهي ضربان:
    - مبالغة بالوصف بأن يخرج إلى حد الاستحالة ومنه: (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ) (النور:35)
    - ومبالغة بالصيغة : وصيغة المبالغة هي [ فعلان كالرحمن - وفعيل كالرحيم
    – وفعال كالقهار – وفعول كغفور ... وفَعِل كحذر ] .
    [ وصيغ المبالغة تشتق من الفعل الثلاثي المتعدى فقط لتدل على معنى اسم الفاعل مع المبالغة في المعنى وتأكيده وتقويته .
    ومعنى المبالغة : تكرير أصل الفعل وتوكيده ]
    وكلام العلماء يفيد أن صيغة (فاعل) لا مبالغة فيها حتى إذا أردنا المبالغة تُحول صيغة فاعل إلى فعال أو فعول أو مفعال ....... الخ
    وهذا يثير سؤالاً،وهو:هل المعنى في(فاعل) أقل من المعنى في(فعول) أو ( فعال ) ؟
    لقد قال العلماء [ إن (فعال ) أبلغ من ( فاعل ) وقالوا إن ( ضروب ) ناب عن قولك Sad ضارب وضارب وضارب) ]
    ولقد [ سأل الصاحب بن عباد القاضي عبد الجبار المعتزلي عن قوله تعالى :
    (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)
    (الإنسان:3)
    كيف غاير بين الصفتين وجعل المبالغة من جانب الغفران ؟
    فأجاب أن نِعَم الله تعالى على عباده كثيرة وكل شكرٍ يأتي في مقابلها قليل
    ، وكل كفر يأتي في مقابلتها عظيم ، فجاء ( شكور ) بلفظ ( فاعل ) وجاء (
    كفور ) بلفظ ( فعول ) على درجة المبالغة .. فتهلل وجه الصاحب )
    كما أن البيهقي في كتابه الأسماء والصفات : وهو يشرح معاني هذه الأسماء يقول :
    ( غافر : الذي يستر على المذنب ، ولا يؤاخذه به ، فيُشهره ويفضحه .
    والغفار : هو المبالغ في الستر فلا يشهر الذنب في الدنيا ، ولا في الآخرة .
    والغفور:هو الذي يكثر منه الستر على المذنبين من عباده ويزيد عفوه على مؤاخذته)
    كل ذلك قالوه ، لكن الذي أميل إليه أن المبالغة وعدمها إنما تكون عند
    استعمال هذه الصيغ في حق الإنسان ، فيقال صابر وصبور ، وآكل وأكول ، وأكال
    ، فالمبالغة وزيادة المعني في ( فعول وفعال ) مفهومه ، لكن عند استعمال
    هذه الصيغ في حق الله تعالي، فالأمر يختلف ولذلك قال الزركشي: إن المبالغة
    هنا إنما هي[ بالنسبة إلى تكثير التعلق،لا بالنسبة إلى تكثير الوصف، فاسمه
    (الغفار) مثلاً يعني ( الذي يغفر ذنوب عباده مرة بعد أخرى وكلما تكررت
    ذنوبهم تكررت مغفرته غفراً ) ] ......

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مارس 29, 2024 8:11 am